الحريات العامة في الإسلام والنظم المعاصرة

Abstract

المستخلص باللغة العربية:

عاشت المجتمعات البشرية مراحل متعددة من النظم السياسية المتباينة استمدت ثقافتها من مصادر فكرية متعددة ومتباينة في آن واحد ، منها سماوية ، وأخرى وضعية ، غير أنه ومن ضمن المذاهب الوضعية الأكثر شيوعاً في العالم هما المذهب الفردي الحر الذي استمد مصادره الفكرية من نظرية القانون الطبيعي والعقد الاجتماعي ، والمذهب الماركسي الذي أسس نظريته على المجتمع الشمولي بدلا عن الفرد ، ويعتبر المذهب الماركسي أن المادية الجدلية هى المحرك الأساسي للتاريخ ، وهو بذلك يلغي القوى الآلهية ، بل يعتبر الدين محنة الشعوب ، ومقابل هاتين النظريتين يقف الإسلام شامخاً بما يحمله من مبادئ سماوية سامية تقدر مصلحة الفرد والجماعة معا في الزمان والمكان في آن واحد .

فالمذهب الليبرالي اعترف للأفراد بحقوق طبيعية مستوحاة من القانون الطبيعي ويعتبر الفرد ذا كيان لا ينبغي للسلطة التدخل فيه ، وترك له كل مظاهر النشاط الاقتصادي للمنافسة الحرة بين الأفراد مما يؤثر سلباً على حقوق وحريات الأفراد الأقل حظاً في القدرات والمواهب .

وفي المقابل قامت الماركسية على أساس المجتمع الشمولي ، واستعملت المنهج الجدلي للمادة في تحليلها للتطور التاريخي ، وبذلك فهى لا تقر بالدين ، وتعتبره محنة الشعوب وسبب تأخرها ، ولا تعترف به مصدراً للتشريع ، وهى بذلك لا تقر الحقوق الفردية إلا في ظل الجماعة ، مما جعل طبقة تسيطر على عامة الأفراد نتيجة السلطة القهرية وحكم الحزب الواحد .

ولهذا انقسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية إلى قطبين يدعي كل منهما أنه أعطى الحرية مفهوما تقدمياً يختلف عن الآخر ؛ فهناك غرب يدعي التحررية ، وشرق يدعي الاشتراكية الشيوعية ، ولكن الحقيقة أن ما كان في الغرب لم يكن أبداً إلا تحررية الرأسماليين في افتراس العمال وسائر المستغلين ، وما كان في الشرق لم يكن أبدا اشتراكية شيوعية ، بل عبودية المواطنين وفنائهم فى الدولة .

فمن الناحية النظرية نلاحظ أن الاشتراكية الشيوعية والتحررية مظهران لا ينفصلان للحلم البشري عن المشروع بالخروج الفعلي من الإفراط في السلطة التي تحد وتقيد حريات الأفراد لعالم أكثر عقلانية وحرية وعدالة ، عالم تختفي فيه كل المتناقضات التي أورثت البشرية مآسي يصعب حصرها عبر التاريخ .

وأما الحرية في النظم الليبرالية ، ولو أخذنا أحد مبادئها مثلاً وليكن أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون ، وأن جميع المواطنين لهم الحق على قدم المساواة في اللجوء للقضاء فلنرى إذن ماذا يحدث واقعيا لو نشب نزاع بين مواطنين غير متساوين في قدراتهم الواقعية - مالية كانت أو أدبية ، فمن الناحية القانونية يمكن لهم الحق في اللجوء للقضاء ، إلا أن الطرف الأقوى هو الأقدر بما له من قدرات بأن يستأجر أكفأ المحامين وأن يرشو القضاء لو أمكن له أن يؤثر عليه بما له من قدرات أو نفوذ ، وربما عجز الطرف الأضعف عن الدفاع عن نفسه ، وعن تكليف محامي كفء لشرح دعواه وإقناع القضاء بها ، لذا يقف القانون سيفاً مسلطاً على الضعفاء .

كما أن الليبرالية الرأسمالية تعطي جميع المواطنين حق الترشيح للمناصب العامة على قدم المساواة ، ولكن المواطن الأكثر قدرة مالية هو وحده القادر على الاستمتاع بهذا الحق من الناحية العملية ، وبالتالي فهو وحده القادر على تمويل حملته الانتخابية ، والمرشح المعبر سياسياً عن الأكثر قدرة مالية ؛ لأنه القادر على جذبهم لتمويل حملته الانتخابية ، ومن ثم فإنه يجد نفسه ملزماً بالتعبير عن مصالحهم ، وعلى ذلك فهو الأكثر فرصة في النجاح في الانتخابات .

وإما الشيوعية على الطريقة التسلطية ، فهى حكم الأفراد بأجهزة الأمن التي ساعدت البيروقراطيين في استغلال العمال ، والاستمتاع بالامتيازات على حسابهم ، والشيوعية التسلطية تعنى ألا ينتج العمال إلا ما يريده البيروقراطيون وبالكيفية التي يريدونها ، بعيدا عن ما يحقق الرفاهية للعمال ، وبعيدا عن سيطرتهم على ظروف عملهم وحياتهم كما تبشر بذلك الشيوعية .

فالشيوعية لا تعنى شيئا لو لم يكن الحق المطلق لمنتجي الثروة والتحكم في ظروف حياتهم وعملهم ، والاستمتاع بما ينتجونه . كما أنها سلطة تسلطية لم تقدم بما وعدت به الأفراد ، بل قدمت لهم نموذجاً كئيباً للحياة ، قولبت فيه الأفراد ونمطت حياتهم ، ولم تترك لهم فرصة الإبداع والمبادرة ، فما كان أسهل أن يخسروا ما روضتهم به من مكتسبات قليلة بالمقارنة بما كان يتمتع به العمال في الغرب .

وفي المقابل نجد أن الفكر الإسلامي حدد علاقة الفرد بالسلطة ونظم الحقوق والحريات العامة من خلال المصدر الإلهي . لذا فالشريعة الإسلامية ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان ، وأصولها طبقت في الصدر الأول للدولة الإسلامية على عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين بكامل الحقوق والحريات للأفراد التي لم تعترف بها النظم الوضعية إلا في أواخر القرن التاسع عشر ، حيث بدأت حيز التطبيق على استحياء ولا زالت تتلمس طريقها بين النصوص الدستورية والقوة المستحوذة على مقاليد السلطة ، مما جعلهم يضطرون إلى بعض الحريات والتي عادة ما تكون نسبية في تلك النظم . وبالتالي فإن كافة المشاكل المعاصرة لا حل لها إلا بتباع المنهج الإسلامي الذي لا يفرق جنس أو لون ؛ لأنه جاء من عند الشارع الحكيم الذي قدر مصالح العباد في الزمان المكان .

المستخلص باللغة الانجليزية:

The significance of this research is to show the importance of general liberties in contemporary regimes, Islamic political thought, and the effect on the concept of liberty in general. Most previous studies focused on political and economical liberties. These included study of power in Islamic and Marxist thought and the subject of power in Socialist societies. This study has focused on general liberties in Islam and contemporary systems. Common liberties involve social liberties of individuals towards the state; thus they are opposed to traditional rights that impose an obligation on the state not to intervene in individual activity without presenting services to the individuals, rather they strive to protect these rights from any violence that may afflict them.

The research plan as outlined in this report includes an introduction, five chapters and a conclusion.

The first chapter deals with the historical development of the concept of freedom. This concept has been treated from the standpoint of Islamic philosophy and contemporary regimes. This chapter contains two sections. The first one deals with social justice, which divided into four subsections, the first subsection deals with freedom of thought, the religious freedom is discussed in the second, the third one is dealing with economical freedom in modern system, the last subsection tackled with the issue of the political liberties. The second section discusses the liberties related with individual interests.

The second chapter is about general liberties in contemporary Islamic regimes. This chapter contains three sections. First section, I have tackle the individual doctrine which divided it into three subsections, the first subsection deals with the ideological sources of the doctrine, the second one deals with the concept of freedom, whereas the third section deals with the equality issue in the individual doctrine. The second section raises the meaning of freedom in Marxist countries. The second section is divided into two subsections; the first one discusses the material basis of the Marxist dialectical methodology, the second one deals with the individualist and its relation with the authority. The last section studies the subject of liberty organization in Islam where I have elucidated the relation between power and freedom in Islam, which divided into tow subsections, the first one I have clarified the concept of rights and their extent in Islamic Jurisdiction, in the second one I have tackled the relation of individual with liberty in Islam.

Third chapter I have elucidated the function of power and its relation with thought, this chapter contains three sections, the first one deals with the characteristics of power in Islamic thought, whereas I have tackled in the second one with the general characteristics of Capitalism and Marxism from the political and economical sides. In the third one, I have asked suggested questions about the characteristics of power in Islamic thought as a comparison to what is brought in the contemporary regimes. I have discussed in the first one the individual doctrine, and in the second one I have explained the Socialist doctrine, whereas in the third one I have tackled the faces of comparison between Islam and positive regimes.

The fourth chapter deals the equity and the extent of its application in Islam, this chapter is divided into three sections, the first one deals with the sources of freedom in Islam and its organization to the freedom of speech and freedom of opinion, in the second one I have elucidated the issue of woman and the dialectics of equity in Islam, where I have tackled the role of woman and her social and political rights in society, and the position of Islam as regard to the entitlement of woman in undertaking general positions, the third one deals with the issue of equity through Liberalism philosophy and Socialist regimes in the modern era and the position of each one as regard to the general liberties, I have divided it into three subsections; in the first one I have tackled the equity issue through the liberalism concept, and in the second one I have discussed the issue of equity according to the Marxist point of view.

The fifth chapter compares the concept of freedom in contemporary regimes and the sovereignty stage of all kinds of its meaning as compared to the Islamic jurisprudence. This chapter contains seven sections. The first one deals with the freedom subject in Liberal regimes. The second deals with the freedom concept in Marxist regimes. The third elucidates the concept of freedom in Islamic jurisprudence. The fourth discusses the subject of economic and political freedoms in Western regimes as compared with the socialist regimes. The fifth section discusses guaranties of freedom and restrictions in contemporary regimes. This has three subsections; separation of power, control of the state, and guarantees of freedom through international or regional conventions and declarations. The sixth section is about the nature of freedoms and the extent of its beneficiaries in the contemporary Islamic regimes. The seventh section discusses the subject of freedom from an Islamic perspective. The conclusion includes the findings of this research, with results and recommendations.

It is beneficial to follow an analytical historical methodology in this type of study that relied on philosophical, political, legal, economic, and social basis of regimes. The difference between Islamic Jurisprudence and other regimes has been observed. It is applicable in any time and place, being issued from the creator of everything. This study exceeds the borders of time and place through the comparison of general liberties in contemporary regimes that are a matter of pride by the positive thought, and attempting to elucidate the degree of Liberties organization reached in Islam during the Islamic state founded in the era of our prophet Mohammed (Peace Be Upon Him) and the orthodox caliphs immediately following the prophet.