القيم التربوية المستفادة من الوصايا العشر في سورتي الأنعام والإسراء دراسة موضوعية

Abstract

مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فسورة الأنعام سورة مكية، وهي أول سورة مكية من الطوال في ترتيب المصحف.فالفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء والمائدة كلّها سور مدنيّة أمّا سورة الأنعام، فهي أوّل سورة مكّيّة توضع في السبع الطوال من سور القرآن الكريم ، وقد جاءت عدّة روايات تذكر فضل سورة الأنعام وتبيّن أنّها نزلت جملة واحدة مشيّعة بالملائكة ونزلت هذه السورة في السنة الرابعة من البعثة المحمّديّة، أي عقب أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصدع بالدعوة ويعلنها للناس بعد أن أسرّ بها ثلاث سنين. وسمّيت هذه السورة بسورة الأنعام ، والأنعام ذوات الخفّ والظّلف: وهي الإبل والبقر والغنم بنوعيها، لأنّها هي السورة التي عرضت لذكر الأنعام على تفصيل لم يرد في غيرها من السور، فقد ورد ذكر الأنعام في مواضع كثيرة من القرآن عرضا أمّا سورة الأنعام، فقد جاءت بحديث طويل عن الأنعام استغرق خمس عشرة آية، من أول الآية 136 إلى آخر الآية 150. وقد تناول الحديث عن الأنعام في هذه الآيات من السورة جوانب متعددة، تتصل بعقائد المشركين، فبينت السورة ما في عقائدهم من الخلل والفساد، إذ كانوا يحرمون بعض الأنعام على أنفسهم، ويجعلون قسما من الأنعام لآلهتهم وأصنامهم، وقسما لله، ثم يجورون على القسم الذي جعلوه لله فيأخذون منه لأصنامهم . أما سورة الإسراء فقد افتُتحَت بالأمر بالتوحيد ، وخُتمت بالنَّهي عن الشِّرك والآيات التي بين ذلك أوامرُ ونواهٍ تتضمَّن إصلاح الظَّاهِر والباطن، والإحسان إلى ذَوِي القُربى بَدْءًا بالوالدين ثمَّ من يليهم، وفيها الحثُّ على التحلِّي بكامل الفضائل والأخلاق، وبيان الحِكمة في التعامل والإنفاق، وفيها الزَّجر عن الظُّلم والجهل والقولِ بلا علم، والكِبر، وغير ذلك من أحكام الشريعة العمليَّة الظاهرة والباطنة .

ووردت كلمة ( قيمة ) في القرآن الكريم بمعنى الاستقامة والاعتدال وما في معناهما ، قال الله تعالى : {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ، يعني بالقيمة : المستقيمة العادلة وقال تعالى : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } أي الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب وقال تعالى : { ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أي هو الدين المستقيم الذي أمر الله به وأنزل به الحجة والبرهان الذي يحبه ويرضاه وقال تعالى : { جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} أي صلاحاً ومعاشاً لأمن الناس بها . ويمكن القول أن القيم التربوية في القرآن الكريم ارتبطت بالجوانب الإيجابية والفضائل الخلقية حيث تراوح معناها بين الاستقامة والاعتدال والثبات والدوام على الأمر والمحافظة عليه ، إذن القيم من وجهة النظر الإسلامية تقدرها إرادة الله تعالى ، فهي ما أمر الله به وما نهى عنه ، فما أمر الله به فهو قيمة موجبة ، وما نهى عنه فهو قيمة سالبة . وفي هذا البحث يتناول الباحث بإذن الله تعالى ( القيم التربوية المستفادة من وصايا سورتي الأنعام والإسراء ) .